البحرين على أتم الاستعداد لمواجهة المستجدات الصحية بامكانيات كبيرة

الدكتورة جميلة السلمان
قالت الدكتورة جميلة السلمان استشارية الأمراض المعدية والأمراض الباطنية وأمراض كبار السن، عضو لجنة الخدمات بمجلس الشورى، إن القطاع الطبي في مملكة البحرين على أتمّ الاستعداد لمواجهة المستجدات الصحية وأيّ نوع من الأوبئة، والتعامل مع ظهور أيّ متحوّرات فيروسية جديدة، أو أيّ وباء قادم – لا سمح الله -، إذ يملك من الإمكانات والقدرات ما يمكّنه من سرعة الاستجابة للتحديات كافة بروح الفريق الواحد وبأعلى مستويات الكفاءة والفاعلية.
في الوقت ذاته، شدّدت السلمان على أهمية التطعيمات ودورها الكبير والمحوري في الحدّ من انتشارالأوبئة، مؤكدةً أن التطعيم يُعد من أهم الاختراعات في تاريخ البشرية في القرن الماضي، مشيرةً إلى أنه أنقذ الملايين من جميع الأوبئة في العالم، سواء كانت بكتيريةً أو فيروسيةً؛ لأنه استطاع بالفعل التقليل من الإصابة بالعديد من الأمراض المعدية.
وأكدت في حوار مع «الأيام»، على هامش اليوم العالمي للأوبئة، ضرورة المتابعة المستمرة واليقظة للمتحوّرات الجديدة للفيروسات، إذ إن تلك المتحوّرات قد تكون أقلّ أو أكثر خطورةً بناءً على نوع ودرجة التحوّرات الموجودة فيها. وفيما يلي نصّ الحوار:
ما أبرز الأوبئة التي واجهتها البحرين في السنوات الأخيرة؟ وكيف تم التعامل معها؟
– في الحقيقة إن الأوبة والأمراض المعدية تظهر بين فترة وأخرى في بيئات معينة بسبب ظروف معيّنة، ولها أسبابها التي تكون لها علاقة بعدة عوامل، منها سفر ملايين الأشخاص حول العالم، وتغيّر المناخ، وغيرها من العوامل، ما يتسبّب في انتقال الجراثيم والميكروبات دون أن تحكمها معايير أو ضوابط للانتقال.
ولا شكّ أن الأوبئة موجودة على مستوى العالم، ومملكة البحرين نجحت في التعامل معها وفق أعلى المعايير العالمية، إذ إن نظامنا الصحي في المملكة ممتاز ومتطوّر جدًا، سواء مع ظهور الوباء في حالاته البسيطة كما نطلق عليه (Outbreak)، أو مع انتشار وباء مثل (كوفيد-19)، وتُعد تجربة مملكة البحرين مع الجائحة من أنجح التجارب على مستوى دول العالم في تعاملها مع الجائحة، وحققت نجاحات كبيرة جدًا بشهادة الجميع.
هل يمكن للفيروسات المتحوّرة أنْ تكون أكثر خطورةً أو قوةً من النسخ الأصلية؟
– في الواقع يعتمد ظهور الفيروسات ودرجة انتشارها على درجة التحوّرات التي تحصل لها، والتي توصف بـ«الطفرات»، فمن الممكن أن تكون أقلّ حدةً أو أكثر خطورةً بناءً على نوع ودرجة التحوّرات الموجودة فيها، ومدى استجابتها للتطعيمات الموجودة والعلاج المتاح، وهذه الطفرات تسهم في تحديد سرعة الانتشار، سواء من الحيوانات إلى الإنسان أو من الإنسان إلى الإنسان، ومع تغيّر أيّ نوع من الفيروسات ووجود متحوّرات جديدة فإن ذلك يتطلّب متابعة هذه التطوّرات ودراستها، ومن ثم وضع العلاج المناسب لها.
كيف يمكن تقييم استعدادات البحرين للتعامل مع الأوبئة مقارنةً بالدول الأخرى في المنطقة؟
– نحن في مملكة البحرين على أتمّ الاستعداد لمواجهة أيّ نوع من الأوبئة، بما في ذلك وباء كورونا، ولقد سجّلنا بكل فخر واعتزاز وبشهادة منظمة الصحة العالمية نجاحات كبيرة ولافتة في التعاطي مع جائحة كورونا (كوفيدـ19)، كما أشادت العديد من المنظمات والدول التي اطّلعت على تجربة البحرين في هذا الجانب، ولدينا المؤسسات الصحية والاستعدادات الطبية الكافية والخبراء في مجال الأوبئة، كما توجد لدينا جميع الإمكانات المختبرية والعلاجية، ونحن على أتمّ الاستعداد لمواجهة أيّ نوع من الأوبئة المستجدة أو الطارئة في المستقبل.
هل هناك إجراءات محدّدة يتمّ اتخاذها لتقليل فرص حدوث الأوبئة في البحرين؟
– إن تقليل فرص الإصابة بالأوبئة بطريقة عامة يعتمد بالدرجة الأولى على الحماية والوقاية، ومن المعروف أن «الوقاية خير من العلاج»، فالوقاية تتضمّن عدة جوانب لأيّ نوع من الأوبئة، والجانب الأساسي هو اهتمام الفرد بنفسه أولاً، وبصحته وبدرجة المناعة وبالتغذية وبالرياضة وغير ذلك؛ لأنه كما لاحظنا سواء في فترة الجائحة أو أيّ وباء آخر، فإن هناك أشخاصًا قد يكونون أكثر عُرضةً للإصابة أو أكثر عُرضةً ـ لا قدر الله ـ للمضاعفات والوفيات، فاهتمام الشخص بصحته وتجنّب الإصابة بالأمراض المزمنة يمكن أن يقلّل حدّة الإصابة بهذه الأوبئة.
ونقطة أخرى أودّ التركيز عليها، وهي إذا توافر تطعيم لأيّ مرض معدٍ، فمن الضروري جدًا أخذ التطعيم، فقد أثبتت الدراسات على مدى القرن الماضي أن التطعيمات تُعد من أهم الاختراعات التي وُجدت في تاريخ البشرية، والتي أنقذت الملايين حول العالم من الأمراض المعدية، ومن الأهمية بمكان الالتزام بأخذ التطعيمات حسب ما تؤكد عليه التعليمات الصحية العالمية والتي توصي بأخذ التطعيمات للأمراض المعدية؛ لأنها بالفعل تحدّ من انتشار الأمراض، كما يمكنها أن تقضي على عدد من هذه الأوبئة.
وإننا نؤكد على أهمية الالتزام بأساسيات الوقاية من الامراض، وأبرزها نظافة الأيدي ولبس الكمامات عند الحاجة، واتباع الإرشادات الصحية للحماية من الأمراض التنفسية التي تكون شائعة أكثر في هذا الموسم، مثل الإنفلونزا A والإنفلونزا B وRespiratory syncytial virus وكوفيد-19، وهذه الفيروسات منتشرة في مختلف دول العالم منذ بداية فصل الخريف، لذلك فإن الحماية مهمة جدًا.
كيف يمكن للتطعيم أنْ يسهم في الحدّ من انتشار الأوبئة، خاصةً في ظلّ ظهور الفيروسات المتحوّرة؟
– كما قلنا، إن التطعيم يُعد أهم اختراع في تاريخ البشرية في القرن الماضي؛ لأنه أنقذ الملايين من جميع الأوبئة في العالم، سواء كانت بكتيريةً أو فيروسيةً؛ لأن التطعيم استطاع بالفعل التقليل من الإصابة بالعديد من الأمراض المعدية، وهنا تكمن أهمية التطعيمات والاستجابة للتوصيات العالمية، والتي وُجدت أساسًا بناءً على دراسات أثبتت كفاءة هذه التطعيمات ومأمونيتها.
ما دور التطعيم فى الوقاية من الأوبئة ومواجهة الفيروسات المتحوّرة؟
– في الواقع، هناك عدة أنواع من التطعيمات حسب طريقة تصنيعها لعدد من الأمراض المعدية، وهذه التطعيمات يتمّ إنتاجها بعد مرورها على جميع مراحل التجارب السريرية العلمية وإثبات درجة فعاليتها ومأمونيتها قبل اعتمادها عالميًا للاستخدام، فالتطعيمات تعمل عن طريق تحفيز جهاز المناعة لينتج بدوره أجسامًا مضادّة يمكنها القضاء على الفيروس عند الإصابة به، فتنتج هذه الأجسام المضادّة بكميات كافية، وإذا ما تعرّض الشخص لهذا الفيروس فإن لديه أجسامًا مضادّة تقضي على الفيروس وقت دخوله جسم الإنسان، فلا يسبّب له المرض، أو تقلّل حدّة المرض عند الإصابة، فهذا هو دور التطعيمات بشكل عام.
كيف يتمّ التأكد من فعالية التطعيمات في مواجهة المتحوّرات الفيروسية الجديدة؟
– إن ترخيص أو منح موافقة علمية عالمية لأيّ تطعيم يعتمد على نتائج الدراسات والتجارب العلمية الإكلينكية وحسب المراحل الأربع المعتمدة عالميًا، وهذه المراحل مهمة، إذ تبدأ التجربة في المرحلة الأولى مع الحيوانات، وثم يجرّب على الإنسان كما في التجارب السريرية التي تُجرى على نسبة معيّنة من الأشخاص، ومن ثم يجرّب على عدد أكبر من الأشخاص للتأكد من فعاليته ومأمونيته، وبعدها تتمّ مراجعة كل هذه المعلومات وتصدر الموافقة من الجهات المختصة لاستخدامه.
هل القطاع الطبّي في البحرين مستعدّ للتعامل مع ظهور متحوّرات فيروسية جديدة؟
– كما أكدنا لكم، إننا على أهبّة الاستعداد للتعامل مع ظهور أيّ متحوّرات فيروسية جديدة، أيّ وباء قادم لا سمح الله. وكل الإمكانات بفضل الدعم الكبير من القيادة الرشيدة والحكومة الموقرة للقطاع الصحي، والذي يمكّنه من سرعة الاستجابة للتحديات كافة بروح الفريق الواحد وبأعلى مستويات الكفاءة والفاعلية.
ما الدروس التي اكتسبتها البحرين من الأوبئة السابقة؟ وكيف يمكن استخدامها في التحضير للمستقبل؟
– لا شكّ أن الدور المهم للقيادة الرشيدة ورؤيتها المستقبلية، والتي وفرت الإمكانات كافة للارتقاء بالنظام الصحي، أسهم إسهامًا فاعلاً في حماية صحة وسلامة المجتمع. كما أن توافر الإمكانات الطبية وفق أعلى المستويات مكّننا من التعامل بفاعلية كبيرة، فقد كانت مختبراتنا على أعلى مستويات الجهوزية، كما تمّ توفير وتدريب الطواقم الطبية والصحية والتمريضية، إلى جانب توفير التطعيمات والأدوية والمستشفيات والقيام بالبحوث والتجارب العلمية التي شاركت فيها مملكة البحرين على مرّ السنوات. ومن النقاط المضيئة جدًا، العمل بروح الفريق الواحد، بوجود خبراء محليين على درجة عالية من الكفاءة والمهنية، إلى جانب الانفتاح على تجارب الدول الأخرى وتبادل الخبرات معها.
ولا بدّ أن نشير إلى أهمية مرونة الأنظمة الصحية في سرعة التكيّف والتعامل مع مختلف المستجدات، ولله الحمد فإن نظامنا الصحي المتطوّر يتسم بالمرونة التي تضمن التعاطي السريع والمسؤول مع مختلف الأوبئة والمتغيرات الصحية الطارئة، سواء على مستوى المنطقة أو العالم، وهو ما أثبتته البحرين خلال الجائحة. وأخيرًا، نؤكد أهمية الاستثمار في العنصر البشري والكوادر الوطنية وتدريبها بشكل مستمر، إذ هي الضمانة الأساسية لمواجهة كل التحديات الصحية المستقبلية.
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram