مرضي بالسكلر جعلني أشعر بآلام الآخرين وزادني طـمـوحـا وثبـاتـا

يقول‭ ‬جبران‭ ‬خليل‭ ‬جبران‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬السخاء‭ ‬بأن‭ ‬تعطي‭ ‬ما‭ ‬أنا‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إليه‭ ‬أكثر‭ ‬منك‭.. ‬بل‭ ‬السخاء‭ ‬بأن‭ ‬تعطيني‭ ‬ما‭ ‬تحتاج‭ ‬إليه‭ ‬أكثر‭ ‬مني‭!!‬‮»‬‭.‬

ذلك‭ ‬هو‭ ‬أجمل‭ ‬أشكال‭ ‬العطاء،‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬هذه‭ ‬الفتاة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬حولها،‭ ‬فبالرغم‭ ‬من‭ ‬مرضها‭ ‬العضال‭ ‬وحاجتها‭ ‬إلى‭ ‬الرعاية‭ ‬والدعم،‭ ‬نجدها‭ ‬قد‭ ‬أفنت‭ ‬حياتها‭ ‬لإسعاد‭ ‬الآخرين‭ ‬ولتخفيف‭ ‬آلامهم،‭ ‬وذلك‭ ‬لما‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬الإنساني،‭ ‬يرافقه‭ ‬استمتاع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الشعور‭ ‬بالتعب‭ ‬أو‭ ‬التمنن‭ ‬أو‭ ‬التفاخر‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬وهبها‭ ‬الخالق‭ ‬طاقة‭ ‬إيجابية‭ ‬ترسلها‭ ‬دائما‭ ‬إلى‭ ‬المحيطين‭ ‬بها،‭ ‬لتستمد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬سعادتها‭. ‬

الممرضة‭ ‬فاطمة‭ ‬عطية‭ ‬العرادى،‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬وسام‭ ‬الاستحقاق‭ ‬الطبي‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬بل‭ ‬نظير‭ ‬عطائها‭ ‬الممزوج‭ ‬بالبشاشة،‭ ‬فهنا‭ ‬تصبح‭ ‬نعمته‭ ‬مضاعفة،‭ ‬هي‭ ‬بصدد‭ ‬إصدار‭ ‬أول‭ ‬كتاب‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬عن‭ ‬مكافحة‭ ‬العدوى‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬زميلتها‭ ‬مها‭ ‬المعارج،‭ ‬وصاحبة‭ ‬أول‭ ‬بحث‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬عن‭ ‬جودة‭ ‬النوم‭ ‬لدى‭ ‬الممرضات‭ ‬العاملات‭ ‬بنظام‭ ‬النوبات،‭ ‬وقد‭ ‬أثبتت‭ ‬عمليا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬علما‭ ‬أو‭ ‬خلقا‭ ‬لا‭ ‬ينتظر‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يعلمه‭ ‬للآخرين،‭ ‬وبأن‭ ‬متعة‭ ‬إسعاد‭ ‬الآخرين‭ ‬لا‭ ‬تضاهيها‭ ‬أي‭ ‬متعة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الحياة‭.‬

حول‭ ‬تجربتها‭ ‬المرضية‭ ‬والتمريضية‭ ‬الملهمة‭ ‬كان‭ ‬الحوار‭ ‬الآتي‭:‬

حدثينا‭ ‬عن‭ ‬نشأتك؟

لقد‭ ‬كنت‭ ‬طفلة‭ ‬طموحة‭ ‬بشدة‭ ‬وشغوفة‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬مدى،‭ ‬عاشقة‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأنشطة‭ ‬والبرامج‭ ‬المتنوعة،‭ ‬والتي‭ ‬ساعدتني‭ ‬على‭ ‬صقل‭ ‬شخصيتي،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬والديّ‭ ‬لعبا‭ ‬الدور‭ ‬الاكبر‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بطموحي‭ ‬العلمي‭ ‬والعملي،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬تركيزهما‭ ‬على‭ ‬الدراسة،‭ ‬بهدف‭ ‬أن‭ ‬أحمل‭ ‬شهادة‭ ‬علمية‭ ‬تصبح‭ ‬لي‭ ‬سلاحا‭ ‬في‭ ‬معركة‭ ‬الحياة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تقوله‭ ‬لي‭ ‬دائما‭ ‬والدتي‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬بل‭ ‬ربة‭ ‬بيت،‭ ‬وبالفعل‭ ‬أثبتت‭ ‬لي‭ ‬الأيام‭ ‬صحة‭ ‬كلامها‭ ‬ورؤيتها،‭ ‬وكانت‭ ‬سر‭ ‬نجاحي،‭ ‬وما‭ ‬حققته‭ ‬عبر‭ ‬مشواري،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أنها‭ ‬كرست‭ ‬بداخلي‭ ‬حب‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭.‬

متى‭ ‬بدأت‭ ‬رحلتك‭ ‬التطوعية؟

رحلتي‭ ‬التطوعية‭ ‬بدأت‭ ‬مبكرا‭ ‬للغاية‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الابتدائية،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬والدتي‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تجهز‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬الأطعمة‭ ‬وتكلفني‭ ‬بتوزيعها‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬وخارجها،‭ ‬وكنت‭ ‬استمتع‭ ‬بذلك‭ ‬كثيرا،‭ ‬فهكذا‭ ‬تربيت‭ ‬على‭ ‬الكرم‭ ‬والعطاء‭ ‬والبذل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الآخرين،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬دفعني‭ ‬إلى‭ ‬اختيار‭ ‬مهنة‭ ‬التمريض،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أرقي‭ ‬المهن‭ ‬إنسانيا،‭ ‬وتقوم‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الاول‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬وإسعاد‭ ‬الغير،‭ ‬وشخصيا‭ ‬أراها‭ ‬مهنة‭ ‬ليست‭ ‬سهلة‭ ‬وذات‭ ‬أبعاد‭ ‬عميقة،‭ ‬لكنها‭ ‬ممتعة‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬حد،‭ ‬بل‭ ‬انني‭ ‬اخترت‭ ‬العمل‭ ‬لدى‭ ‬قسم‭ ‬العناية‭ ‬القصوى،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬الأقسام‭ ‬التي‭ ‬يعزف‭ ‬عنها‭ ‬البعض،‭ ‬ولكني‭ ‬بمحض‭ ‬ارادتي‭ ‬التحقت‭ ‬به‭ ‬بعد‭ ‬تخرجي،‭ ‬وقد‭ ‬هيأت‭ ‬نفسي‭ ‬لهذا‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المرور‭ ‬بتجارب‭ ‬عملية‭ ‬مسبقة‭ ‬اثناء‭ ‬الدراسة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬صغار‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭.‬

تجارب‭ ‬مثل‭ ‬ماذا؟

أثناء‭ ‬دراستي‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬أدرب‭ ‬نفسي‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأطفال،‭ ‬فالتحقت‭ ‬للعمل‭ ‬بإحدى‭ ‬الروضات‭ ‬بهدف‭ ‬الاحتكاك‭ ‬المباشر‭ ‬بهذه‭ ‬الفئة،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬دراستي‭ ‬لكورس‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬تمريضيا‭ ‬مع‭ ‬الصغار،‭ ‬وبالفعل‭ ‬عشت‭ ‬التجربة‭ ‬معهم‭ ‬من‭ ‬قرب،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أدركت‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬العطاء‭ ‬لهم‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل،‭ ‬كذلك‭ ‬كررت‭ ‬نفس‭ ‬التجربة‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬الرعاية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بالمحرق،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية،‭ ‬واقتربت‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الفئة‭ ‬قبل‭ ‬دراسة‭ ‬التمريض‭ ‬من‭ ‬الأساس،‭ ‬وشاهدت‭ ‬هناك‭ ‬قصصا‭ ‬مؤثرة‭ ‬جدا،‭ ‬تعلمت‭ ‬منها‭ ‬معنى‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وكانت‭ ‬ملهمة‭ ‬بشدة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي،‭ ‬حيث‭ ‬مهدت‭ ‬لي‭ ‬الطريق‭ ‬لعملي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهنة،‭ ‬التي‭ ‬أدركت‭ ‬تماما‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مهنة‭ ‬بل‭ ‬شعورا‭ ‬يورد‭ ‬معاني‭ ‬الإنسانية‭.‬

وماذا‭ ‬بعد‭ ‬التخرج؟

بعد‭ ‬التخرج‭ ‬عملت‭ ‬لدى‭ ‬مستشفى‭ ‬خاص‭ ‬مدة‭ ‬عام‭ ‬تقريبا،‭ ‬واكتسبت‭ ‬خلاله‭ ‬خبرة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬ثم‭ ‬التحقت‭ ‬بمجمع‭ ‬السلمانية‭ ‬الطبي‭ ‬منذ‭ ‬حوالي‭ ‬ست‭ ‬سنوات،‭ ‬والمفارقة‭ ‬العجيبة‭ ‬والجميلة‭ ‬أنني‭ ‬مريضة‭ ‬سكلر،‭ ‬وممرضة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬ويمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬مرضي‭ ‬هذا‭ ‬ساعدني‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المرضى‭ ‬والشعور‭ ‬بآلامهم،‭ ‬وهي‭ ‬تجربة‭ ‬صعبة،‭ ‬لكنني‭ ‬تعايشت‭ ‬مع‭ ‬مرضي‭ ‬وتحول‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬لي‭ ‬كما‭ ‬زادني‭ ‬طموحا‭ ‬وثباتا،‭ ‬فالنجاح‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬سهلا‭ ‬ولكن‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬أمر‭ ‬صعب‭. ‬

كيف‭ ‬تم‭ ‬التعايش‭ ‬مع‭ ‬مرضك؟

لا‭ ‬شك‭ ‬ان‭ ‬تجربة‭ ‬مرضي‭ ‬من‭ ‬أصعب‭ ‬التجارب‭ ‬التي‭ ‬مررت‭ ‬بها‭ ‬منذ‭ ‬ولادتي‭ ‬به،‭ ‬فقد‭ ‬رزق‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬والدي‭ ‬بستة‭ ‬من‭ ‬الأبناء‭ ‬ثلاثة‭ ‬منهم‭ ‬اصحاء‭ ‬وثلاثة‭ ‬مصابون‭ ‬بهذا‭ ‬المرض،‭ ‬ومنذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظافري‭ ‬حظيت‭ ‬بكل‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬والدي‭ ‬ووالدتي،‭ ‬وهما‭ ‬سبب‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬وحققته‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬وكنت‭ ‬حين‭ ‬أتعرض‭ ‬لنوبات‭ ‬مرضية‭ ‬صعبة‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أشغل‭ ‬نفسي‭ ‬بالقراءة،‭ ‬أو‭ ‬ممارسة‭ ‬أي‭ ‬نشاط،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاستماع‭ ‬جيدا‭ ‬لوالدتي‭ ‬وهي‭ ‬خطيبة‭ ‬دينية،‭ ‬وكانت‭ ‬تعطي‭ ‬لي‭ ‬رسائل‭ ‬قوية‭ ‬تبعث‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬الطمأنينة،‭ ‬وتمنحني‭ ‬الثبات،‭ ‬وقد‭ ‬ساعدتني‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أحول‭ ‬المرض‭ ‬إلى‭ ‬أمل،‭ ‬حتى‭ ‬أنني‭ ‬كنت‭ ‬أمارس‭ ‬حياتي‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬زملائي‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لم‭ ‬يكتشفوا‭ ‬مرضي‭ ‬إلا‭ ‬بالصدفة‭ ‬حين‭ ‬تعرضت‭ ‬لوعكة‭ ‬صحية‭ ‬بسبب‭ ‬موقف‭ ‬صعب‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭. ‬

وما‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الموقف؟

حين‭ ‬أصيب‭ ‬أخ‭ ‬لي‭ ‬بوعكة‭ ‬صحية‭ ‬أدخلته‭ ‬العناية‭ ‬القصوى‭ ‬شعرت‭ ‬بخوف‭ ‬شديد‭ ‬عليه،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬انتكاسة‭ ‬مرضية‭ ‬لي‭ ‬أدخلتني‭ ‬أيضا‭ ‬العناية‭ ‬القصوى،‭ ‬حيث‭ ‬شاء‭ ‬لنا‭ ‬القدر‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬هناك‭ ‬سويا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الفترة،‭ ‬وهنا‭ ‬اكتشف‭ ‬زملائي‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أنني‭ ‬مريضة‭ ‬سكلر،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولي‭ ‬التي‭ ‬أدخل‭ ‬فيها‭ ‬العناية‭ ‬المركزة‭ ‬منذ‭ ‬ولادتي‭ ‬بسبب‭ ‬مرضي،‭ ‬حتى‭ ‬حين‭ ‬أصبت‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬لم‭ ‬تتطور‭ ‬حالتي‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬سيئة‭.‬

ألم‭ ‬تؤثر‭ ‬إصابتك‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬مرضك؟

لله‭ ‬الحمد‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬أن‭ ‬تطورت‭ ‬حالتي‭ ‬للأسوأ،‭ ‬رغم‭ ‬أنني‭ ‬أعلم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬حين‭ ‬يصيب‭ ‬به‭ ‬مريض‭ ‬السكلر‭ ‬يجعله‭ ‬طريح‭ ‬الفراش،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬شيء‭ ‬فكرت‭ ‬فيه‭ ‬عندما‭ ‬اكتشفت‭ ‬الإصابة‭ ‬هو‭ ‬حماية‭ ‬اسرتي‭ ‬من‭ ‬العدوي،‭ ‬وقد‭ ‬استغللت‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بصورة‭ ‬إيجابية‭ ‬حيث‭ ‬قضيتها‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬بحثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬إلى‭ ‬النشر‭ ‬قريبا‭ ‬ويدور‭ ‬حول‭ ‬قضية‭ ‬جودة‭ ‬النوم‭ ‬لدى‭ ‬الممرضات‭ ‬اللاتي‭ ‬يعملن‭ ‬بنظام‭ ‬النوبات‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭.‬

ماذا‭ ‬علمتنا‭ ‬تجربة‭ ‬كورونا؟

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬تجربة‭ ‬كورونا‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭ ‬جدا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬أجمع،‭ ‬ولكن‭ ‬برغم‭ ‬أنها‭ ‬باعدتنا‭ ‬جسديا،‭ ‬فإنها‭ ‬قربت‭ ‬قلوبنا،‭ ‬وأسهمت‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الترابط‭ ‬الأسري‭ ‬وصلة‭ ‬الأرحام،‭ ‬حتى‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المرضى‭ ‬يبقى‭ ‬دور‭ ‬الكادر‭ ‬الطبي‭ ‬مهما‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬تعويضهم‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬الأهل‭ ‬إلى‭ ‬جانبهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الشدة‭ ‬المرضية،‭ ‬وهذا‭ ‬يضاعف‭ ‬من‭ ‬مسؤولياتنا‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬تتحسن‭ ‬حالته،‭ ‬ثم‭ ‬يصاب‭ ‬بانتكاسة‭ ‬قد‭ ‬تودي‭ ‬بحياته،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أعايشه‭ ‬من‭ ‬قرب‭ ‬في‭ ‬العناية‭ ‬القصوى،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يصعب‭ ‬احتماله‭ ‬نفسيا‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬طبيعة‭ ‬مهنتنا‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬العطاء‭ ‬والبذل‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭.‬

‭ ‬

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬لك‭ ‬حصولك‭ ‬على‭ ‬درع‭ ‬الاستحقاق؟

حصولي‭ ‬على‭ ‬درع‭ ‬الاستحقاق‭ ‬هو‭ ‬ترجمة‭ ‬عملية‭ ‬لحبي‭ ‬الشديد‭ ‬لوطني‭ ‬ولإنسانيتي‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬ولإثبات‭ ‬ما‭ ‬تربيت‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬قيم‭ ‬نبيلة‭ ‬غرسها‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬أبي‭ ‬وأمي،‭ ‬فلولاهما‭ ‬ما‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التكريم‭ ‬الذي‭ ‬توج‭ ‬جهود‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬الدؤوب،‭ ‬ولا‭ ‬يفوتني‭ ‬هنا‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬اخواني‭ ‬وأخواتي‭ ‬الذين‭ ‬أدين‭ ‬لهم‭ ‬بالكثير‭ ‬أيضا‭ ‬وخاصة‭ ‬أخي‭ ‬الأصغر‭ ‬إبراهيم‭ ‬الذي‭ ‬أقدم‭ ‬على‭ ‬التطوع‭ ‬خلال‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬ليساندني‭ ‬في‭ ‬مهمتي،‭ ‬وهو‭ ‬داعم‭ ‬كبير‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬خطواتي،‭ ‬ويتمنى‭ ‬أن‭ ‬يغرس‭ ‬نفس‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬الوطني‭ ‬والإنساني‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬طلبة‭ ‬كلية‭ ‬المعلمين‭ ‬التي‭ ‬يدرس‭ ‬بها‭.‬

حلمك‭ ‬الحالي؟

حلمي‭ ‬المؤجل‭ ‬هو‭ ‬تكوين‭ ‬أسرة‭ ‬والاستمتاع‭ ‬بذلك،‭ ‬أما‭ ‬حلمي‭ ‬الحالي‭ ‬فهو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬بصمة‭ ‬نسائية‭ ‬تمريضية‭ ‬بحرينية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية‭ ‬الطبية،‭ ‬تتماشى‭ ‬وتاريخ‭ ‬التمريض‭ ‬الطويل‭ ‬والمشرف‭ ‬للمملكة،‭ ‬فهناك‭ ‬حاجة‭ ‬فعلية‭ ‬إلى‭ ‬أبحاث‭ ‬علمية‭ ‬بأفكار‭ ‬عناصر‭ ‬نسائية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التمريض‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬المريض،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الجلد‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬دفاع‭ ‬لجسم‭ ‬الانسان،‭ ‬فالتمريض‭ ‬هو‭ ‬أول‭ ‬دفاع‭ ‬للمريض،‭ ‬والذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬تحويل‭ ‬طاقة‭ ‬الألم‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬بكل‭ ‬حب‭.‬

أجمل‭ ‬حصاد‭ ‬المشوار؟

أجمل‭ ‬الحصاد‭ ‬هو‭ ‬لحظات‭ ‬السعادة‭ ‬التي‭ ‬أعيشها‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬مريض‭ ‬آخذ‭ ‬بيده‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬إنجازات‭ ‬مهمة‭ ‬حققتها‭ ‬خلال‭ ‬مسيرتي؛‭ ‬منها‭ ‬أنني‭ ‬ضمن‭ ‬أول‭ ‬فوج‭ ‬يتخرج‭ ‬في‭ ‬البرنامج‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين‭ ‬ويحمل‭ ‬شهادة‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬ممرض‭ ‬ممارس‭ ‬متقدم‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬بصدد‭ ‬إصدار‭ ‬أول‭ ‬كتاب‭ ‬عن‭ ‬مكافحة‭ ‬العدوى‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬زميلتي‭ ‬مها‭ ‬المعارج،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إعدادي‭ ‬بحثا‭ ‬علميا‭ ‬عن‭ ‬جودة‭ ‬النوم‭ ‬بصدد‭ ‬النشر‭ ‬قريبا‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬بحث‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬بالبحرين،‭ ‬والبقية‭ ‬تأتي‭ ‬بمشيئة‭ ‬الله‭.‬

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on telegram